سمعنا وقرأنا الكثير عن زنوبيا ملكة تدمر وعن بلقيس ملكة سبأ وعن الملكة الفرعونية كليوبترا وغيرهن..
لكن اسم الملكة "ديهيا" قلما نجد دارساً أو باحثاً في تاريخ الأمم والدول القديمة تحدث عنه باستثناء ابن خلدون الذي أفاض الحديث في تاريخ الأمازيغ
* - ديهيا - *
امرأة حكمت المغرب قبل الغزو الأموي العربي
وكانت مثالاً ساطعاً على قوة الشخصية والحنكة والفطنة والدهاء في تسيير دواليب الحكم
وديهيا هي ملكة حكمت إحدى الممالك الأمازيغية في المغرب لخمس وثلاثين سنة
وعاشت مائة وسبع وعشرين سنة قبل أن تقتل على يد الفاتح الإسلامي حسّان بن النعمان عام 74 هـ.
وكانت "ديهيا تابنة نيفان" امرأة قوية الشكيمة
تولت زمام الحكم بحكمة وحزم قل نظيرهما في التاريخ
وتمكنت من توحيد أهم القبائل الأمازيغية حولها خلال زحف جيوش الغزو الأأموي العربي المتلبس بلباس الاسلام
فبعد
مقتل كسيلا كبير قبيلة أوربة الأمازيغية ( توجد في وليلي وهي مدينة
رومانية قديمة قريبة من مكناس) على يد الغزاة الأمويين و العرب
زحف هؤلاء إلى مملكتها وكانت قبائل أمازيغية كثيرة ساندتها في مقاومة الغزو الأموي العربي أهمها قبائل بنو يفرن
وقد صمدت في وجه جيوش الأمويين وتمكنت من هزمهم وطاردتهم إلى أن أخرجتهم من إفريقية (تونس حالياً).
انتظر حسّان بن النعمان الذي كان يتولى قيادة جيوش الغزو فترة من الزمن
ثم هاجمها مجدداً بعدما أُرسلت إليه الإمدادات العسكرية وزحف إلى مملكة ديهيا وقتلها عام 74هـ.
جاء في "كتاب العبر" لعبد الرحمن ابن خلدون أن ديهيا "ملكت عليهم خمساً وثلاثين سنة، وعاشت مائة وسبعاً وعشرين سنة
وكان قتل عقبة في البسيط قبلة جبل أوراس بإغرائها برابرة تهودا عليه
وكان المسلمون يعرفون ذلك منها.
فلما
انقضى جمع البربر وقتل كسيلة زحفوا إلى الكاهنة بمعتصمها من جبل أوراس وقد
ضوي إليها بنو يفرن ومن كان من قبائل زناتة وسائر البتّر
فلقيتهم بالبسط أمام جبلها وانهزم الأمويين واتبعت آثارهم في جموعها حتى أخرجتهم من إفريقية
وانتهى حسان إلى بَرْقة فأقام بها حتى جاءه المدد من عبد الملك فزحف إليهم سنة أربع وسبعين وفضّ جموعهم
وأوقع بهم وقتل الكاهنة، واقتحم جبل أوراس عنوةً واستلحم فيه زهاء مائة ألف
(الجزء السابع ص 11).
عدد من المؤرخين وخاصة العرب منهم وصفوا الملكة ديهيا بـ "الكاهنة"،
ونجد ابن خلدون نفسه يصفها حين يتحدث عن نسبها قائلا :
"وكانت زناتة أعظم قبائل البربر وأكثرها جموعاً وبطوناً
وكان موطن جراوة منهم جبل أوراس وهم ولد كراو بن الديرت بن جانا
وكانت رياستهم للكاهنة دهيا بنت تابنة بن نيفان بن باورا بن مصكسري بن أفرد بن وصيلا بن جراو.
وكان لها بنون ثلاثة ورثوا رياسة قومهم عن سلفهم وربوا في حجرها
فاستبدت عليهم وعلى قومها بهم وبما كان لها من الكهانة والمعرفة بغيب أحوالهم وعواقب أمورهم فانتهت إليها رياستهم"
(كتاب العبر، الجزء السابع ص 11).
وهنا
نجد أن الباحث يسقط في فخ التحليل الغيبي غير المبني على أسس علمية
ومنطقية فقد تبنى ابن خلدون و المؤرخين من خلفه الفكرة التي أشاعها العرب
عن الملكة
ديهيا واعتقدوا أن سيادتها لقومها مستمدة من "علمها بالسحر والغيبيات"
والواقع أن هؤلاء استغربوا كيف يمكن لامرأة أن تسود قوماً يتّسمون بالقوة
والبسالة في عصر لم يروا فيه امرأة تقود شعوباً أوتهزم جيوشاً وادعوا أنها
ساحرة أوتيت علم الغيب وأحكمت سيطرتها على قومها ووحّدت كلمتهم تحت رايتها
بتسخير شياطينها!.
ولعلّ مبعث هذا الاستغراب والدهشة وسط جيوش قوية صمدت امرأة في وجهها على نحو غير مسبوق
ناجم عن الجهل بالمجتمع الأمازيغي الذي يقدر المرأة ويحترمها منذ قديم العصور
فمكانة المرأة الأمازيغية كانت وما تزال مميزة داخل الأسرة والقبيلة
فهي تحظى باحترام الأخ والأب والزوج على حد سواء كما تتميز باستقلالية الشخصية وحرية اتخاذ القرار
أضف إلى ذلك أن المجتمعات الأمازيغية ظلت متفتحة ومتقبلة للرأي الآخر على مر العصور وذلك بحكم موقع المغرب الكبير (العربي) الجغرافي
والاحتكاك
بالكثير من الحضارات القديمة كالوندال والبزنطيين والفنيقيين والقرطاجيين
والرومان وحتى اليونان وكذلك الحضارات الأوروببية المعاصرة إبان فترة
الاستعمار وبعده
كما أن المجتمعات الأمازيغية لم تعرف الفصل بين الجنسين بالمعنى والشكل السائدين لدى القبائل العربية
قيل فلما انقضى جمع البربر وقتل كسيلة زحفوا إلى هذه الكاهنة بمعتصمها من جبل أوراس
وقد ضوي إليها بنو يفرن ومن كان بإفريقية من قبائل زناتة وسائر البتر فلقيتهم بالبسيط أمام جبلها
وانهزم العرب واتبعت آثارهم في جموعها حتى أخرجتهم من إفريقية
دهيا
خلفت كسيلة بعد موته في زعامة الأمازيغ الأحرار دهيا فارسة الأمازيغ التي
لم يأت بمثلها زمان كانت تركب فرسا وتسعى بين القوم من طنجة إلى طرابلس
تحمل السلاح لتدافع عن أرض أجدادها إمازيغن
بعد
مقتل كسيلة كبير قبيلة أوربة الأمازيغية على يد الغزاة الأمويين و العرب
زحف هؤلاء إلى مملكتها وكانت قبائل أمازيغية كثيرة ساندتها في مقاومة الغزو
العربي أهمها قبائل بنو يفرن. وقد صمدت في وجه جيوش العرب وتمكنت من هزمهم
وطاردتهم إلى أن أخرجتهم من إفريقية أي تونس الحالية .
ما
تداوله بعض الكتاب العرب عن دهيا كان فقط لتشويه صورتها أنها كانت تمارس
السحر والشعوذة ويزعمون أنها قتلت والدها الملك واثنين من إخوتها لتستولي
على الحكم. وهناك من يقول إنها تهودت قبل دخول الغزو الأموي العربي
كما روج عنها أنها تكره أمازيغ البرنس كرها شديدا.
وكانت ترسل جيوشها من حين لآخر لإبادتهم وإبادة غيرها من النساء الزعيمات في بلاد الأمازيغ الشاسعة
وكل هذا تحميض للكلام لما رأى العرب عندها من قوة وشجاعة وما كان يخصها به الرجال من احترام بلغ أوجه حين جعلوها ملكة عليهم.